الحلقة الاولى


اوهمتُهٌم جميعا وخاصة امى انى نسيت الماضى وتعافيت من آلمى ..وحين اذكرها ادعو لها بالرحمة والمغفرة وترحل الذكرى بعيداا عنى
لا يعلمون انى اعيش فى الماضى مع كل ذكرى لى ولها مع كل ضحكه ضحكناها سويا , مع كل الم تألمَتهُ وحدها ولم استطيع حمل بعضه عنها او التخفيف منه ..اعتصر الماً كلما تذكرت تلك اللحظه ..اصعب لحظه مرت فى حياتى بل الأبئس على الاطلاق
حين فاضت روحها وروحى معها وانا احمل رأسها على صدرى إنتفض جسدها النحيل نفضه خفيفه ذاغ بصرها ’ابتسمت وراحت للابد ..راحت لجنات النعيم لحياة الخلد بلا مرض او وجع ..ذهبت الى ربها هو ارحم بها منا ..منا جميعاً ..ومنى انا ايضا
تلك الملاك فى صورة أنثى لا تكون الارض لمثلها بل لها جنات وقصور وانهار من لبن وعسل مصفى ..تلك حياة تليق بها بين الحوريات ..
زهِدَت فى الدنيا بعدها وتمنيت كثيرا الحاق بها ..أن لا تدعنى وحدى ...
سأت حالتى كثيرا ولم ادرك اننى أعذِب معى قلبٌ أخر ..قلبٌ نقى ..قلبٌ يرانى بشبه روح ..وشبه جسد ..قلب امى ..كلما راتنى على هذه الحاله .
تصنعت الثبات واننى افضل بمرور الوقت وقد مر عام على رحيلها ..
فكرت فى الهرب ....اقصد السفر هو فى الحقيقه هرب من شبح يطاردنى ..من تعاسه سببتها لأمى ..من كلمات لازعه من الاقارب وبعض الاصدقاء .." تزوج باخرى وستنساها ....انت لسه فاكرها ....يا عم الله يرحمها شوف حالك بقى ....حرام عليك امك معذبها معاك "
ما كانت تلك كلمات مواساة ابدا كانت سكاكين تصوب الى قلبى فتزيد الامى ونزيفى ..
تمسكت بالفكره ورضخت امى لمطلبى بعد ان اقنعها اخى الاكبر وطلب منها العيش معه هكذا اطمئِن عليها . فهى تحب زوجة اخى والاخرى تحبها ..وكانت تحب زوجتى ايضا كانت تقول عنهما دوما " لم يروقنى الله البنات من رحمى لكن رزقنى زوجات اولادى هن اكثر من بناتى "
كنت امازحها دوما حين تقف فى صفها على " انا مش عارف مين فين ابنك بالضبط "
فتقول " انت ابنى الى مربياك وعارفاك..انما هى امانه عندى " وتكمل متوعده " عارفين الى هيزعل منكم مراته تانى لا هو ابنى ولا اعرفه "


فى الحقيقه لم يحدث بيننا مشاجرات كالتى تحدث بين الازواج وكالتى بين اخى وزوجته
كانت زوجة اخى تقول " كل ما تعدى عليكم سنين كل ما خناقكم ونقاركم مع بعض يزيد "
انظر لزوجتى نظره فتفهم ما تقوله عيناي لها " هل هذا صحيح ؟..هل هذا سيحدث حقا ؟ "
فتجيب " طول ما احنا قلوبنا عمرانه بحب ربنا وكل واحد فينا بيقّدر التانى ويفهمه عمر ما هيكون بينا مشاكل "
ليتها حدثت يا حبيبتى ..ليتها حدثت تلك المشاكل ....ليتنا تشاجرنا ليل نهار ...ليتك غضبت منى كثيرا ...ليتك كنت سىيئه ....
كنت استقويت على فراقك ..كنت تحججت لنسيانك بانك كنت زوجه سيئه متعبه ...
لا والله ابدا ما كنتِ كذلك
وما كنت يوما زوجه سيئه ...كنت دوما زوجه مطيعه هادئه ..مرحه بشوشه ..
تحقق فيك حديث رسولى الكريم صلى الله عليه وسلم " الدنيا متاع وخير متاعها الزوجه الصالحه "
كنت انت الزوجه الصالحه
كلما نظرت اليك كما قال النيى صلى الله عليه وسلم سُررت ..وان غبت عنك حفظتينى فى مالى وعرضى .


اااه يا حبيبتى كم اشتاقكك ...كم افتقدك ....احضن صورتك كل ليلله كى استطيع النوم ..واصحو وهى بين زراعى .اطارها مبلل من اثر دموعى عليها.


ظللت هكذا فى غربتى على حالى عامان وقد مر على رحيلها ثلاثة اعوام قضيت الاولى ولا اعلم كيف انقضت بدونها فى بلدى بين امى واخى واهلى واصدقائى الذين حاولوا التخفيف عنى ولم يفلح اى منهم
وقضت الاخران فى غربتى بين احزانى ...
لم يقوى احد على اقناعى بالعوده الى الوطن وقد غاب عنى وطن قلبى ...تركونى على حالى داعين الله لى ان انسى ..واعود كما عرفوه بضحكه ومرحه ونكاته التى لا تقف عند حد ...
حتى
حدثنى صديقى واخبرنى بموعد زفافه وضمّن كلامه انه بحاجتى ...دعونى احدثكم عنه ...فهو ليس صديقى فحسب بل ايضاابن خالٍ لى

معاً من نعومة اظافرنا لم نفترق حتى الجامعه صحيح اننا التحقنا بكليات مختلفه فالتحق هو بالصيدله وانا بالحاسبات لكنا تخرجنا من نفس الجامعه ...
كان معى فى كل تفاصيل حياتى الصغيره قبل الكبيره ..كان معى حين تعرفت على زوجتى اول مره , وكان معى حين تقدمت لخطبتها ....كان معى فى تجهيز الشقه وشراء المستلزمات ..فى بعض الاحيان كنت اوكل اليه شراء بعض ما ينقصنى دون ان اراها وكنت اردد له دوما "لو كنت رحت مكنتش هاجيبها بالضبط كده ..عينى عليك ديما فاهمنى "

اذكر جيدا يوم زفافى كيف وقف بجانبى من الصباح حتى اوصلنى وعروسى الى بيتى ....ومأخرا كيف كان بجانبى فى ازمتى وفقدى لحبيبتى لم اكن اسمح لغيره ولم يكن لغيره استطاعه على اقتحام شرنقتى ....

بالطبع لم اكن لاسمح لنفسى ان اخذله فى يوم كهذا .
لم ازر مصر خلال العامان ولم اكن اتمنى زيارتها ثانية ولولا وجود امى واخى وصديقى بها ماعدت اليها مخافة ان تهجم على كل الذكريات التى هربت منها واحاول جاهدا ان اتناساها وتأبى الا ان تسكننى مهما ذهبت ..

حسمت قرارى ان اعود باجازه جيده نوعا معا اقف بجانب صديقى فى زفافه وارى امى واخى وبعدها اعود الى كهفى فى مهجرى من جديد ......لم اكن اعلم ان الزياره ستصبح اقامه ...وان سدى المنيع الذى بنيته حول نفسى فى الاعوام السابقه سينهار فى لحظه ...وستغمرنى مياه كمياه نهر ثائر تهووى بى مسرعة الى حافته ..فاسقط فى شلال ليس لى منه مفر ....وتنقلب حياتى على اثرها راساً على عقب ...